لا تفوّت جديدنا

أساسيات التغذية السليمة: ما يجب أن يعرفه كل شخص

القلق النفسي هو أحد أكثر اضطرابات الصحة النفسية شيوعًا في العصر الحديث. يعاني منه الملايين حول العالم بدرجات متفاوتة، وقد يكون بسيطًا ومؤقتًا أو مزمنًا ومعيقًا للحياة اليومية. في هذا المقال، سنستعرض بشكل شامل مفهوم القلق النفسي، أبرز أسبابه، أعراضه الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى نصائح عملية وفعّالة للتعامل معه، وفق أحدث الإرشادات النفسية والطبية.
القلق النفسي هو حالة من التوتر والخوف المستمر أو المفرط من مواقف مستقبلية، سواء كانت واقعية أو متخيلة. بخلاف التوتر الطبيعي الذي يصيب أي شخص قبل امتحان أو مقابلة عمل، فإن القلق النفسي قد يحدث بدون سبب واضح، ويؤثر على الحياة اليومية، والعلاقات، والإنتاجية، وحتى على صحة الجسم. يشمل القلق النفسي أنواعًا متعددة، مثل اضطراب القلق العام (GAD)، اضطراب الهلع، الرهاب الاجتماعي، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ولكل منها خصائصه، إلا أن الشعور بالخوف أو الترقب المفرط يظل العامل المشترك.
يحدث القلق النفسي نتيجة تفاعل معقّد بين عدة عوامل، بيولوجية ونفسية وبيئية. من أبرز أسبابه:
الوراثة والتاريخ العائلي: إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب المقربين يعاني من القلق أو الاكتئاب، قد يكون هناك استعداد وراثي أكبر للإصابة.
الضغوط الحياتية المستمرة: العمل تحت ضغط، المشاكل المالية، العلاقات المتوترة، أو حتى التغيرات الحياتية المفاجئة مثل فقدان الوظيفة أو الطلاق.
الاختلالات الكيميائية في الدماغ: بعض الدراسات تشير إلى أن نقص أو اضطراب في النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين قد يكون له دور كبير.
الصدمات النفسية في الطفولة أو المراهقة: مثل التعرض للعنف الأسري، الإهمال العاطفي، أو فقدان شخص عزيز في سن مبكر.
أنماط التفكير السلبية: الأشخاص الذين يميلون إلى التشاؤم، أو يضخمون الأخطار، أو يضعون لأنفسهم معايير عالية جدًا، أكثر عرضة للقلق.
القلق النفسي لا يؤثر فقط على التفكير أو المشاعر، بل له تأثيرات جسدية واضحة. من أشهر أعراضه:
أعراض نفسية:
الشعور المستمر بالخوف أو القلق بدون سبب واضح
صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرار
شعور دائم بالتوتر أو العصبية
التفكير الكارثي والتوقع الدائم للأسوأ
اضطرابات النوم مثل الأرق أو النوم المتقطع
أعراض جسدية:
تسارع نبضات القلب
التعرق الزائد
رجفة أو توتر في العضلات
ضيق في التنفس
آلام في المعدة أو الجهاز الهضمي
صداع مستمر أو دوار خفيف
هذه الأعراض قد تختلف من شخص لآخر، لكن ظهور مجموعة منها لفترة تتجاوز 6 أشهر، يستدعي الاستشارة الطبية.
من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقلق في مواقف معينة، كالتقديم لوظيفة جديدة أو دخول امتحان. هذا النوع من القلق يكون مؤقتًا وينتهي بانتهاء الحدث. لكن القلق المرضي يستمر حتى دون وجود محفز واضح، ويؤثر على جودة الحياة. القلق المرضي غالبًا ما يكون مبالغًا فيه وغير متناسب مع الموقف، ويصعب السيطرة عليه رغم المحاولات المتكررة. كما أنه قد يؤدي إلى الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو العملية.
توجد العديد من الأساليب العلمية والعملية التي تساعد على التخفيف من القلق النفسي أو التحكم به:
العلاج النفسي:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) من أكثر الأساليب فعالية. يركز على تغيير أنماط التفكير السلبية واستبدالها بأفكار أكثر واقعية وهدوءًا. يعمل المعالج مع الشخص على فهم جذور القلق وتطوير مهارات المواجهة.
العلاج الدوائي:
توجد العديد من الأساليب العلمية والعملية التي تساعد على التخفيف من القلق النفسي أو التحكم به:
قد يصف الطبيب مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب في حالات معينة. من المهم استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبي دقيق، وعدم إيقافها فجأة.
ممارسة تقنيات الاسترخاء:
تمارين التنفس العميق والبطيء
التأمل الذهني (Mindfulness)
تمارين الاسترخاء العضلي التدريجي
اليوغا أو المشي في الطبيعة
النشاط البدني المنتظم:
الرياضة ترفع من مستويات السيروتونين والإندورفين، مما يحسّن المزاج ويقلل من التوتر.
الابتعاد عن المحفزات:
تقليل الكافيين والمنبهات
تجنّب تناول الكحول أو التدخين
تقليص وقت التعرض للأخبار أو مواقع التواصل إذا كانت تسبب القلق
الروتين والنوم:
الالتزام بروتين يومي منظم، والحصول على 7–8 ساعات من النوم الجيد يوميًا، لهما تأثير كبير في تقليل القلق.
إذا لاحظت أن القلق بدأ يؤثر على عملك، علاقاتك، أو قدرتك على الاستمتاع بالحياة، وإذا استمرت الأعراض لأكثر من 6 أشهر أو زادت حدتها، يجب عليك عدم التردد في زيارة مختص نفسي. التدخل المبكر يمنع تفاقم الحالة ويزيد من فرص العلاج الفعّال.
القلق النفسي ليس ضعفًا أو فشلًا، بل حالة طبية ونفسية يمكن التعامل معها بالعلاج والدعم المناسب. فهم الأسباب والتعرف على الأعراض هو الخطوة الأولى نحو التعافي. باتباع أساليب التعامل الصحيحة، وطلب المساعدة عند الحاجة، يمكنك استعادة هدوئك وتحقيق توازن نفسي يدعم جودة حياتك بشكل عام.